Pages

الأحد، 3 فبراير 2013

هجرة الابن عن والدته

تابع.. 
قلت له لا بأس ،لا يعني أبدا إن تركت البلد أنك تترك العائلة والأحباب والأصحاب لتكون سعيداا . السفر وسيلة للتعرف على المحيط وإكتشاف عادات الناس ، الإختلاط بخلق الله لا يضر وإمنا محبب عند الله والعودة إلى الأصل فضيلة . أمك مثلا لوكانت 
تعلم مكانك ومكانتك في المجتمع لن تقلق عليك إلى هذا الحد ،أصبحت عجوزا ثقيلة الحركة من شدة عدم إهتمامها بنفسها ، أنت أخطأت في حق والدتك وهي سامحتك فنعم الأم لديك . .
إعترف وتقبل الإنتقاد منه وهو آسف على ما حدث .
إقترحت عليه المجيءلتراه أمه التي لم يستقبلها بشكل جيد وقدم إعتذاره لها .
حين دخلنا أخذها بالحضن بكت وبكى الجميع معها ،ردها إلى منزله ليعرفها على الزوجة والأولاد .
فيلة ضخمة تعيش فيها عائلة صغيرة كان عليه أن يفكر في أمه الغالية ، رحبت الزوجة بالعجوز واستقبلتها كما يجب ، لأنها لم تعلم أبدا أن لزوجها أم على قيد الحياة .
قالت العجوز : زوجك له أختين أيضا ، متزوجتين
قالت : سأتعرف عليهن قريبا ، إن شاء الله 
تعشى الجميع سويا وبعد العشاء جلست الجدة تحكي .....
لما كنت صغيرة حكت لي أمي حكاية ذات معنى على إسم حيوان ولم أتذكر معناها إلا بعد خروج إبني من المنزل 
في مكان بعيد عن ضجيج المدينة توجد حضيرة الدواجن ، وجد عامل الحضيرة بيضة في حقل قريب منه فوضعها مع البيض الذي وضع في الحضيرة الإصتناعية للفقص وقال في نفسه البيض الغير الناجح سيرمى خارجا إن لم تفقس فلن يخسر شيئا 
مرت الأيام على البيض فقست منها الصالحة ورميت الطالحة 
في عمرها الأول كانت كلها متشابهة ، صفراء اللون ، في المرحلة الموالية أصبح الدجاج يملك لونا آخر وهو الأبيض إلا فرخا واحدا كان ذو لون ساطع لكنه نحيف الجسد لا ينمو كالآخرين 
أما طبعه مختلف تماما يهوى الحركة والجري والقفز المستمر دون تعب يلتقط الأكل من الأرض لا من الأداة الموضوعة فيها 
يختال ويتبختر إفتخارا على الجميع قال للدجاجة : 
إن ريشي ناعم و ألواني زاهية أنفرد بها عليكم ، خلقني الله بطبع غير طبعكم وبحب الحياة ليس مثلكم ، تأكلون من مكان واحد وتنتمون في مكان واحد ، أما أنا نشيط وجميل ،رغم أن حجمي ليس كحجمكم لكنكم لن تغلبوني _وهم لا يحاولون حتى _
وكل ديك ابيض يخالف تعليماته يلقنه درسا يرده مهزوما ، يحرضهم على الهروب ويشجعهم على تعلم الخفة والجري السريع 
أما أفكاره كانت مختلفة ومميزة يحلم بالحرية ولا يرضى بالمستقبل المحتوم وهو الذبح ، يعلمهم السعي وراء تحقيق الأحلام ولو كانت مستحيلة 

في يوم ، إغتنم فرصة دخول العمال إلى الحضيرة لنقلهم لمكان ذبحهم كي يهرب، إختاروا الدجاج الأكثر سمنة ، ولم يكن هو من ضمن المجموعة وركبوا في الشاحنة وتركوه يائسا لكن ليس مستسلما .
بعد شهر من الأكل الجيد والحرص على جعل من جسمه النحيف أداة النجاة ، أصبحمقبول الوزن وكان من بين المبشرين لركوب الشاحنةوالسفر بعيدا عن الحضيرة ، رماه العامل داخل القفص وهو يمتمت ويعيد في قرارة نفسه الحيلة المقررة ويسأل الله نجاح مهمته .
حين شعر الديك المغرور أنه إبتعد بما يكفي من الحضيرة المشؤمة ، تسلل من بين القضبان مستعملا حركاته الملتوية كالثعبان 
وخرج منه والكل يهتف له ولم يصدقوه حين قال لهم أنه المغامر الذي لا يخاف .
وبفضل النشاط والخفة المكتسبة حقق ما كان يريد.
سقط على الأرض هم ّ بالركض ، لم يلتفت إلى الوراء كي لا يجعل خوفه يسيطر عليه، لحظة تمنى تحقيقها جعلت منه أسير الحلم ولم يفكر في المخاطر التي قد تحدث .
كما تخيل المحيط ،الدنيا في خيال طبق الأصل .بدأ يرقص من الفرح بين المروج والريحان ، والشاحنة غادرت المكان 
يا لا روعة المساحات الخضراء وشلال تنزل منه المياه والأشجار عالية ومختلفة الرائحة والفاكهة والشكل . .
جنة وصل إليها بعد شقاء .
إستمتع بيومه دون أن يشعر به أحدا ، لكن بعد إنقضاء النهار جاء دور الليل الذي يخيفه وينعسه في وسط غير مضمون ، نسي أن يفكر في إيجادمكان يقضي فيه الليلة خاصة بعد سماع أصوات الذئاب والحيونات المفترسة تقترب .
فزع في الأول ووجد بعدها الصعود أعلى الشجرة حلا ،هذا لأنه رأى العصافير في الأعشاش تتطاير وتحوم حوله ليتأكد أن النوم فوق الأغصان سيساعده وكان موفقا في أول ليلة خارج الحضيرة .حيث إنقلب الحلم إلى كابوس مع الحيوانات التي لم تغادر المكان إلا فجرا كان هو قد إستيقظ .
في صباح اليوم التالي ، اشرقت الشمس ثانية بأشعة عكست ألوانه الذهبية فبدى متلألأ مثل الجوهرة ، وعاد الحلم إليه من جديد 
حقول خضراء ، مياه صافية ، ورياح تهز الزهور و الطيور تزقزق . لكن درجة سعادته نقصت من جديد لأنه لا يعرف المصير الذي يسير إليه ونقص عنصر الأمان وهو المهم .
يجب أن يجد حلا لليلة الموالية أو أصدقاء.
سار إتجاه النهر وإذا به يرى ديارا وحيوانات وناس ودجاج . تعجب للمنظر ، دجاج قرب حيوانات كبيرة مخيفة لا تتعرض لهم وليسوا خائفين منها لكنها ليست كالتي رآها بالليل . قال في نفسه :
سأقترب أكثر لأرى لعلى فقط أتخيل ، من شدة الخوف من المصير المجهول ، إقترب أكثر فرفع يده ليحك رأسه قائلا : 
يلا الصدفة دجاج تملك نفس ألواني الزاهية ، لم تكن ميزتي الوحيدة على وجه الأ رض، آه لست مميز، هذا شيئ لا يسرني.
أضاف : إنهم يمشون أمام الحيوانات الضخمة وعاملة تقدم لهم الأكل ، تزرعه في الأرض ويلتقطونه بنفس طريقتي المفضلة ،الآن فهمت أنهم ربما عائلتي التي فقدتني منذ الولادة .
في تلك اللحظة التي كان يكلم فيها نفسه مرت أمامه بقرة أسقطت قلبه أرضا ذعرا ،.
هرب في إتجاهات مختلفة ولم يكن بالضجة التي قام بها خفيا وإنما مكشوفا للجميع ، والبقرة لم تكن تعلم أنه سيخاف بهذه الطريقة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق